من المعروف أن العدل أساسه المساواة بين جميع البشر فى كل شىء ، بصرف النظر عن لونهم ودينهم وثروتهم ومكانتهم الاجتماعية وغيرها من الفروقات .
ولكن طالما أن ما يضع القوانين هو الإنسان الغير معصوم من الأخطاء والغرائز ، فلن تكون هناك أبداً فى أى مكان فى العالم عدالة كاملة .
وتوجد حقائق واضحة فى عالمنا موجودة منذ القدم ، وستظل قائمة حتى يوم القيامة .
وهى أن الديمقراطية والعدالة والحريات والإستقلالية وغيرها من الحقوق الإنسانية لأى أمة ، لا تمنح لها من أحد ولا تكتسبها إلا بعد أن تثبت للعالم أجمع من خلال تفوقها فى العديد من المجالات وخاصاً العلمية والاقتصادية والعسكرية ، حقها وجدارتها بالتمتع بها ، فحينها ستضمن الأمن والأمان لنفسها .
ومن المعلوم أن الأمم المتحدة بجميع فروعها وهيئاتها ، تسيطر عليها وتخدم مصالح الدول الكبرى وعلى رأسها أمريكا .
ولذلك لم يكن من العجيب أن تغزو هى وحلفائها العراق بدون شرعية دولية ، وسماحها للعراقيين بعد ذلك بإعدام صدام حسين بدون خضوعه لمحاكمة عادلة .
وثم أخيراً إصدار المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى بهولندا يوم الأربعاء الماضى الموافق الرابع من مارس ، مذكرة اعتقال بحق الرئيس السودانى عمر حسن البشير ، لإرتكابه جريمتا حرب وخمس جرائم ضد الإنسانية من بينها الترحيل القسرى والتعذيب ، بالإضافة إلى طلبها من حكومة السودان تسليم أحمد هارون وزير الدولة للشئون الإنسانية وعلى كوشيب أحد قادة ميليشيا الجنجويد إليها ، لإتهامهم بنفس التهم السابقة .
وكان ذلك على حسب ما توصل إليه محلفيها الدوليين ، بناء على نتائج التحقيقات التى قام بها مدعيها العام لويس مورينو أوكامبو .
وبهذا تسجل سابقة قانونية فى تاريخ القضاء الدولى ، إذ لم يسبق أن يصدر أمر القبض على حاكم وهو مازال على الحكم .
وبالتالى سيصبح من الصعب على البشير والمتهمين معه السفر إلى الخارج ، لأنهم سيكونوا مهددين بالقبض عليهم على الفور من قبل سلطات الدولة التى سيذهبون إليها وترحيلهم إلى لاهاى ، لأنها لو لم تفعل ذلك ستعرض نفسها إلى المساءلة القضائية ، وإحراجات ومشاكل مع الخارج هى فى غنى عنها .
وكان الرد الفعل المتوقع من الرئيس السودانى على أمر التوقيف الصادر ضده ، رفضه القاطع الخضوع وتنديده الشديد له واحتجاجه العنيف عليه ، بجانب تهديده بطرد العاملين فى منظمات الإغاثة الإنسانية والأمم المتحدة من دارفور .
وتنفيذ ذلك القرار القضائى يقع الأن على عاتق مجلس الأمن الدولى ، بعد تكليفه بذلك من قبل المحكمة الدولية .
وفى حالة بقاء البشير على موقفه وقام بتنفيذ تهديداته ، ستواجه السودان مختلف العقوبات الاقتصادية الدولية ، والتى لن تضر بالطبع النظام الحاكم والأثرياء .
ومن الممكن أن تتطور وتتصاعد الأمور إلى حد اتخاذ مجلس الأمن الدولى قرار التدخل العسكرى فى البلاد ، بحجة القبض على رئيسه والمتورطين معه ، وتسليمهم بالقوة إلى القضاء الدولى ، بمعنى أن الوضع العراقى سيتكرر هنا مرة أخرى ، ولكن بصورة مختلفة وبشكل أسوأ وأعقد .
وبالتأكيد أن من حق أى مواطن عربى أن يغضب ويشعر بالظلم والأسى ، إزاء هذه اللحظات الحالية المريرة .
ولكن الرئيسان السودانى الحالى والعراقى الراحل وصلا إلى حكم دولهما بطرق غير شرعية ، واقترفا مساوىء كثيرة تجاه شعبهما ، مثل أقرانهم من حكام العرب جميعاً بلا استثناء .
ولذلك هم يستحقون كل ما يتعرضون له من مصاعب فى نهاية المطاف .
والأهم هنا أن متى سيتمكن محكوميهم من أن يحاسبوهم بأنفسهم بعيداً عن التدخل الخارجى المعتاد ، كما تفعل الشعوب المتحضرة ، التى لا تنتظر ولا تسمح أساسا من يأتى لها ليحاسب قاداتها ، حتى لو كانت الأمم المتحدة أو الأمريكيون ، كون هذا يعد تعدى على حقوقها وسيادة بلادها ومهانة لها .
ومع أن هذا القرار يمثل تغريز للظلم والإجحاف الواقعان دائماً على الأمم الضعيفة وعدم مساواتها بالقوية .
فهناك رؤساء وقادة أمثال بوش وبلير وشارون وغيرهم ، فعلوا أشياء أبشع من الأفعال التى أتهم بها البشير وأتباعه .
ولكن بما إننا فى عصر لا يعترف إلا بالأقوياء ، لم ولن يجرؤ أحد أن يحاكمهم .
وأيضاً ما حدث ، يمهد الطريق إلى إمكانية تحقيق أهداف استعمارية فى السودان ، يسعى إليها ويخطط لها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها مثل فرنسا وبريطانيا ، لأنهم يريدون الاستيلاء على ثرواتها الغنية مثل البترول وإزاحة الصين عنها .
فهم ينظرون فقط إلى مصالحهم وأهدافهم ، ويحاولون تحقيقها مهما كانت مساوىء ما يستخدمونه من وسائل ، لإيمانهم بما قاله ميكافيللى " أن الغاية تبرر الوسيلة " .
وهذه السياسة سارت عليها الإمبراطوريات القديمة والدول العظمى ، ومتبعة حتى الأن وستبقى مستمرة لأمد طويل .
ولذلك من المتوقع أن لا يتساهل الأمريكان وأعوانه مع البشير ، فى حال تصميمه على عدم تنفيذ الأمر الصادر ضده ، بدواعى دفاعهم عن هيبة ومكانة المحكمة وحقوق الإنسان ، فهى فرصة سنحت أمامهم لن يدعوها تفلت من أيديهم بسهولة .
وسيحاولون بشتى الطرق استغلالها من أجل تنفيذ رغباتهم المتمثلة فى السيطرة على الأراضى السودانية ، مما سيمكنهم من التحكم فى البلاد الأفريقية المحيطة بها ، التى تعج أيضاً بخيرات عديدة .
ولكن طالما أن ما يضع القوانين هو الإنسان الغير معصوم من الأخطاء والغرائز ، فلن تكون هناك أبداً فى أى مكان فى العالم عدالة كاملة .
وتوجد حقائق واضحة فى عالمنا موجودة منذ القدم ، وستظل قائمة حتى يوم القيامة .
وهى أن الديمقراطية والعدالة والحريات والإستقلالية وغيرها من الحقوق الإنسانية لأى أمة ، لا تمنح لها من أحد ولا تكتسبها إلا بعد أن تثبت للعالم أجمع من خلال تفوقها فى العديد من المجالات وخاصاً العلمية والاقتصادية والعسكرية ، حقها وجدارتها بالتمتع بها ، فحينها ستضمن الأمن والأمان لنفسها .
ومن المعلوم أن الأمم المتحدة بجميع فروعها وهيئاتها ، تسيطر عليها وتخدم مصالح الدول الكبرى وعلى رأسها أمريكا .
ولذلك لم يكن من العجيب أن تغزو هى وحلفائها العراق بدون شرعية دولية ، وسماحها للعراقيين بعد ذلك بإعدام صدام حسين بدون خضوعه لمحاكمة عادلة .
وثم أخيراً إصدار المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى بهولندا يوم الأربعاء الماضى الموافق الرابع من مارس ، مذكرة اعتقال بحق الرئيس السودانى عمر حسن البشير ، لإرتكابه جريمتا حرب وخمس جرائم ضد الإنسانية من بينها الترحيل القسرى والتعذيب ، بالإضافة إلى طلبها من حكومة السودان تسليم أحمد هارون وزير الدولة للشئون الإنسانية وعلى كوشيب أحد قادة ميليشيا الجنجويد إليها ، لإتهامهم بنفس التهم السابقة .
وكان ذلك على حسب ما توصل إليه محلفيها الدوليين ، بناء على نتائج التحقيقات التى قام بها مدعيها العام لويس مورينو أوكامبو .
وبهذا تسجل سابقة قانونية فى تاريخ القضاء الدولى ، إذ لم يسبق أن يصدر أمر القبض على حاكم وهو مازال على الحكم .
وبالتالى سيصبح من الصعب على البشير والمتهمين معه السفر إلى الخارج ، لأنهم سيكونوا مهددين بالقبض عليهم على الفور من قبل سلطات الدولة التى سيذهبون إليها وترحيلهم إلى لاهاى ، لأنها لو لم تفعل ذلك ستعرض نفسها إلى المساءلة القضائية ، وإحراجات ومشاكل مع الخارج هى فى غنى عنها .
وكان الرد الفعل المتوقع من الرئيس السودانى على أمر التوقيف الصادر ضده ، رفضه القاطع الخضوع وتنديده الشديد له واحتجاجه العنيف عليه ، بجانب تهديده بطرد العاملين فى منظمات الإغاثة الإنسانية والأمم المتحدة من دارفور .
وتنفيذ ذلك القرار القضائى يقع الأن على عاتق مجلس الأمن الدولى ، بعد تكليفه بذلك من قبل المحكمة الدولية .
وفى حالة بقاء البشير على موقفه وقام بتنفيذ تهديداته ، ستواجه السودان مختلف العقوبات الاقتصادية الدولية ، والتى لن تضر بالطبع النظام الحاكم والأثرياء .
ومن الممكن أن تتطور وتتصاعد الأمور إلى حد اتخاذ مجلس الأمن الدولى قرار التدخل العسكرى فى البلاد ، بحجة القبض على رئيسه والمتورطين معه ، وتسليمهم بالقوة إلى القضاء الدولى ، بمعنى أن الوضع العراقى سيتكرر هنا مرة أخرى ، ولكن بصورة مختلفة وبشكل أسوأ وأعقد .
وبالتأكيد أن من حق أى مواطن عربى أن يغضب ويشعر بالظلم والأسى ، إزاء هذه اللحظات الحالية المريرة .
ولكن الرئيسان السودانى الحالى والعراقى الراحل وصلا إلى حكم دولهما بطرق غير شرعية ، واقترفا مساوىء كثيرة تجاه شعبهما ، مثل أقرانهم من حكام العرب جميعاً بلا استثناء .
ولذلك هم يستحقون كل ما يتعرضون له من مصاعب فى نهاية المطاف .
والأهم هنا أن متى سيتمكن محكوميهم من أن يحاسبوهم بأنفسهم بعيداً عن التدخل الخارجى المعتاد ، كما تفعل الشعوب المتحضرة ، التى لا تنتظر ولا تسمح أساسا من يأتى لها ليحاسب قاداتها ، حتى لو كانت الأمم المتحدة أو الأمريكيون ، كون هذا يعد تعدى على حقوقها وسيادة بلادها ومهانة لها .
ومع أن هذا القرار يمثل تغريز للظلم والإجحاف الواقعان دائماً على الأمم الضعيفة وعدم مساواتها بالقوية .
فهناك رؤساء وقادة أمثال بوش وبلير وشارون وغيرهم ، فعلوا أشياء أبشع من الأفعال التى أتهم بها البشير وأتباعه .
ولكن بما إننا فى عصر لا يعترف إلا بالأقوياء ، لم ولن يجرؤ أحد أن يحاكمهم .
وأيضاً ما حدث ، يمهد الطريق إلى إمكانية تحقيق أهداف استعمارية فى السودان ، يسعى إليها ويخطط لها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها مثل فرنسا وبريطانيا ، لأنهم يريدون الاستيلاء على ثرواتها الغنية مثل البترول وإزاحة الصين عنها .
فهم ينظرون فقط إلى مصالحهم وأهدافهم ، ويحاولون تحقيقها مهما كانت مساوىء ما يستخدمونه من وسائل ، لإيمانهم بما قاله ميكافيللى " أن الغاية تبرر الوسيلة " .
وهذه السياسة سارت عليها الإمبراطوريات القديمة والدول العظمى ، ومتبعة حتى الأن وستبقى مستمرة لأمد طويل .
ولذلك من المتوقع أن لا يتساهل الأمريكان وأعوانه مع البشير ، فى حال تصميمه على عدم تنفيذ الأمر الصادر ضده ، بدواعى دفاعهم عن هيبة ومكانة المحكمة وحقوق الإنسان ، فهى فرصة سنحت أمامهم لن يدعوها تفلت من أيديهم بسهولة .
وسيحاولون بشتى الطرق استغلالها من أجل تنفيذ رغباتهم المتمثلة فى السيطرة على الأراضى السودانية ، مما سيمكنهم من التحكم فى البلاد الأفريقية المحيطة بها ، التى تعج أيضاً بخيرات عديدة .